بسم الله الرحمن الرحيم
الله ضرب لنا مثالا كريماً على نبيه الكليم وأخيه هارون عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام سيدنا موسى خرج مع قومه بني إسرائيل من مصر وكانوا إثنى عشرة عائلة وكل عائلة عددها خمسون ألفاً أي أن عددهم كلهم ستمائة ألف إلى أن وصلوا إلى خليج السويس وشاهدوا فرعون خلفهم فقالوا: سيلحق بنا فرعون {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} فقال لهم {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} قال له الله {اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} كل عائلة لها طريق كيف سيمشون وقاع البحر طين؟ لكن الله سلَّط الشمس على هذا الطين فجففته في الوقت والحال
ولذلك قال له الله {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً} يبساً يعنى جافاً ومشوا فيه وبين كل طريق وطريق جمد الله الماء جمدها من يقول للشئ كن فيكون فقالوا: يا موسى نحن لا نرى بعضنا ونريد أن نطمئن على باقي إخواننا فضرب لهم البحر فأصبح في الماء المتجمد نوافذ ينظرون منها إلى بعضهم البعض ويتحدثون مع بعضهم وهم سائرون هل هناك معجزات أكبر من هذه؟
لكنهم قاتلهم الله بعد أن أغرق الله لهم فرعون وجنوده قال موسى لهارون: أنا ذاهب إلى ربي لأتلقى الألواح وابق معهم حتى أعود وذهب لتلقي الوحي من الله سيدنا هارون فوجئ لما عبروا البحر ووجدوا جماعة يصنعون أصناماً على هيئة أبقار ويعبدونها فقالوا: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة حتى تعلموا أنهم يستحقون غضب الله لأنهم قوم بهت وقوم لا تصل حقيقة الإيمان إلى قلوبهم أبداً
وأراد الله أمراً لأنهم قبل خروجهم من مصر أوعزوا إلى النساء أن تذهب كل واحدة منهن إلى صديقتها المصرية وتقول لها إن غداً هو عيدنا - لأنهم خرجوا من مصر يوم عيدهم - وأريد أن تعطيني ذهبك على سبيل السلف للبسه يوم العيد وأرده لك مرة أخرى وأخذوا ذهب المصريات وخرجوا به والله يُعَلِّمنا كما أن النبي صلي الله عليه وسلم قد أكد لنا أن كل مال جاء من حرام ينفق في الذنوب والآثام
وانظروا إلى المجتمع كله كل مال جاء من حرام يسلط الله جامعه على إنفاقه في الذنوب والآثام يشتري به بانجُو أو يشتري به بِيرة أو يشتري به حَشِيشاً أو يشتري به هِيروين أو يشتري به حُبوب هَلوسة لأنه جاء من طريق حرام لكن إنسان سيأتي بالمال من طريق حلال هل سيشترى به سِيجارة؟ لا، يستحي من الله أن ينفق قرشاً حلالاً في شراء سِيجارة تضر نفسه وبدنه ويحرق بها ماله لأنه لا بد أن ينفق المال فيما يرضي الله
فلما طلب بنو إسرائيل إلهاً كان معهم موسى السامرى وكان ابن خالة سيدنا موسى فعندما كان فرعون يذبح الذكور أم موسى السامرى أخذته وتركته في الغابة خوفاً عليه من فرعون فأنزل الله له الأمين جبريل وجاء له بغزالة أخذت ترضعه حتى شب ونما وموسى الكليم أوحى الله إلى أمه أن تضعه في التابوت وتضعه في البحر وكان بيتهم على البحر وتربطه بحبل كلما جاع جذبت الحبل وأرضعته ثم تعيده للتابوت حتى إذا جاء جنود فرعون ليفتشوا البيت لم يجدوا شيئاً شاءت إرادة الله أن تأتي موجة شديدة فقطعت الحبل ومشى التابوت إلى أن وصل إلى شاطئ قصر فرعون فأخذه فرعون ورباه ولم يقبل المرضعات وكانت أخته ترقبه فقالت لهم: أنا عندي المرضعة فأرضعته أمه لأنه في رعاية من الله وهو في بيت فرعون ولذلك قال بعض الصالحين
فموسى الذي رباه جبريل كافر ،،،،،،،،،، وموسى الذي رباه فرعون مرسل
موسى السامرى رأى سيدنا جبريل لأنه هو الذي كان يربيه ورآه عندما نزل ليؤيد سيدنا موسى فأخذ السامري حفنة تراب من الموضع الذي وطئه سيدنا جبريل وقال لهم أنا سأصنع لكم إله لكن هاتوا الذهب الذي معكم كله - انظر المال الذي جمع من حرام يصرف في الذنوب والآثام فجمع ما معهم من ذهب وأساله ووضع عليه التراب الذي معه وصنع لهم إله
وعندما عاد سيدنا موسى وجد قومه يعبدون الصنم فأمسك برأس سيدنا هارون وبلحيته ويريد أن يضربه وقال له: تركتهم مؤمنين وأعود فأجدهم كافرين فسيدنا هارون قال له {يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي} أنا لا أريد أن أفرقهم حتى تأتي وتغير هذا المنكر ويعودوا كما كانوا لكن لو أنا تصرفت كانوا سينقسموا إلى فئتين والفُرْقة ليس لها علاج
وهذا هو الشاهد الذي أردت أن أُبَيِّنه سيدنا هارون تركهم كفاراً حتى لا يفترقوا لأن أكبر داء تصاب به الأمة هو داء الفرقة التي نراها الآن وأصبحت الفرقة الآن زائدة عن الحد هذه الجماعة جعلت لها راية ولهم مفتين وهذه الجماعة لهم أمراء والجماعة الأخرى لها فكر آخر وكل جماعة تحاول هدم فكر الأخرى لماذا والإسلام واضح وضوح الشمس؟ وكلنا كجماعة المسلمين لا نختلف أبداً على الأصول الخلافات الهامشية التي في الفروع نؤجلها إلى وقت تتجمع فيه الأمة ويتجمع شملها لكن في الظروف الراهنة يجب على كبار القوم من هنا ومن هنا أن يجتمعوا على أسس مشتركة نقضي بها على الفرقة في الهوامش والخلافات التي في أشياء ليست أصلية ولا حتى فرعية في دين الله حتى نعمل جميعاً بقول الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}